بقلم: ليلى إمام
الاحتفال بيوم وفاء النيل، هي عادة مصرية، دأب عليها أهل المحروسة، حيث يحتفلون في الخامس عشر من أغسطس من كل عام بعيد “وفاء النيل”.
ماذا تعني كلمة “النيل”؟ وما هى أصل التسمية ؟
أطلق المصريون القدماء على نهر النيل في اللغة المصرية القديمة “إيترو عا” بمعنى (النهر العظيم)، وتشير الأصول اللغوية لكلمة النيل إلى أنها من أصل يوناني، “نيلوس”، وكلمة النيل مشتقة من أصل مصري صميم من العبارة “نا إيترو” والتي تعني (النهر ذو الفروع)، كما أطلق المصريون على مجرى النهر اسم “حبت إنت إيترو” (مجرى النهر)، وأطلقوا على فروع النيل في أرض مصر “إيترو نوكيمت” (فروع الأرض السوداء).
كلمة النيل في اللغة العربية مأخوذة من اليونانية (نايلوس) وتعني وادي، وفي اللغة المصرية كان يسمى إيتيرو بمعنى النهر الكبير.
عيد وفاء النيل على مر العصور:
يحتفل المصريون بيوم وفاء النيل في 15 أغسطس من كل عام، وفي الماضي أُطلق على يوم وفاء النيل “عيد جبر النيل”، ويعني يوم وفاء النيل أن مياه الفيضان تفيض بالقدر الكافي عن مجرى النيل، وأن النيل وفي للمصريين بعهده السنوي بالفيض على جانبيه، حيث يحمل الخير لأهل مصر، وقديمًا قدس المصريون نهر النيل.
فيما كان يشير قديمًا إلى يوم وفاء النيل بأنه البداية الحقيقية للسنة المائية الجديدة، إلا أن وزارة الري تؤرخها في الأول من أغسطس، وهذه دورة طبيعية مهمة في مصر منذ العصور القديمة، حيث يظل فيضان النيل مستمرًا لمدة تصل إلى 3 أشهر مُتصلة تبدأ من أغسطس وحتى سبتمبر، وتبلغ ذروة الفيضان في أغسطس، ثم تنخفض تدريجيًا حتى تتراجع نهائيًا في أكتوبر، ويتم حسابه في يوليو من العام المقبل.
عيد وفاء النيل في مصر الفرعونية:
ومن أهم الطقوس المرتبطة بعيد وفاء النيل في مصر الفرعونية، ما يشاع عن إلقاء المصريين القدماء لعروس النيل قربانًا للنيل المعروف بـ” الإله حعبي”، وكانت الفتاة الجميلة الشابة تتزين بالحلي واللباس الفاخر لتتزوج بالإله “حعبي” في العالم الآخر، إلا أنه لم يثبت تاريخيًا من خلال نصوص عثر عليها في مصر القديمة صحة الواقعة.
عيد وفاء النيل في العصر الإسلامي:
ومع تعاقب الزمن، صنعت عروس من الخشب لإلقائها في النيل ثم عروس من الطين، حيث عاشت الأسطورة في خيال ووجدان المصريين وتناولها الأدباء والكتاب والسينما، وهو ما يؤكد تقديس المصريين لنهر النيل باعتباره رمزاً للعطاء والخير.
حابي إله النيل … جالب السعادة، يفيض بالمياه الوفيرة كل عام لتروي أراضي مصر كلها … فهو روح النهر وقوته التي تمنح الخير للأرض كما يعتقده القدماء المصريون، فقد آمن المصريون القدماء منذ استقرارهم على ضفاف النيل بأن نهر النيل هو مصدر الحياة وتجسيداً للنظام الكوني الذي يحيون فيه وأن منابعه هي حدود الكون المعروف في عالم الأحياء وفي العالم الآخر أيضًا.
تجسيد الإله حابي عند المصريين القدماء:
“حابي” بمعنى الذى يفيض بالماء وصوروه على هيئة رجل جسمه قوي وله صدر بارز وبطن ضخمة كرمز لإخصابه يحمل خيرات الأرض من الطعام والشراب إلى جانب رموز الحياة والرخاء، وربطوا بينه وبين أساطير الخلق في عقائدهم فأمنوا بأنه كان يمثل المياه الأولى التي برزت منها الأرض المصرية في بدء الخليقة.
دلائل طقوس النيل:
على الرغم من ندرة الدلائل على هذه الطقوس إلا أن أقدمها يعود لعصر الدولة الوسطى في القرن 20 ق.م. وهى المعروفة “بأناشيد النيل” التي تمتدح النهر وتخبرنا عن الوفاء بقربان كبير من الماشية والطيور له عندما فاض على وجه الأرض.
كذلك حفظت لنا سفوح جبل السلسة شمال أسوان ثلاث لوحات مسجلة بالخط الهيروغليفي تحتوي على ثلاثة مراسيم تعود لعصور الملوك سيتي الأول ورمسيس الثاني ومرنبتاح في الفترة ما بين 1300 ــ 1225 ق.م. حيث تقر هذه المراسيم بأن تقام الاحتفالات للإله حعبي في السلسلة مرتين في العام مع أعلى وأدنى ارتفاع للفيضان، وأن يتم خلالها التقرب للنيل بالتقدمات التي تحتوي على قرابين مختلفة من الحيوانات والخضروات والزهور والفاكهة، وكذلك عدد من التماثيل الصغيرة لإله النيل نفسه،
وأشارت هذه المراسيم أيضًا إلى “إلقاء كتاب حعبي” الذي كان عبارة عن لفافة من البردي تحتوي على قائمة من القرابين، حيث يتم حرقها على مذبح أو تلقي في النهر، واحتفظت لنا بردية “هاريس” حوالي 1150 ق.م. بقائمتين كبيرتين من القرابين لحعبي وكان أكثر ما يميزها هو قربان التماثيل التي أطلق عليها صور “حعبي” إله النيل.
وفي نهاية القرن الثاني الميلادي ظهرت بعض الأعمال الأدبية اليونانية المعروفة باسم “البسيودوبلوتارخ” لعدد من المؤلفين المجهولين الذين نسبوها للمؤرخ “بلوتارخ” والتي أشارت لأول مرة إلى التضحية بآدميين في نهر النيل على الرغم من أن الأضاحي البشرية لم تكن ضمن الطقوس المصرية القديمة فيشير الفصل 16 منها، النيل هو نهر مصر بالقرب من مدينة الإسكندرية ولكنه كان يسمى في السابق “ميلاس” من “ميلاس” ابن “بوسيدون” أما فيما بعد فلقد أطلق عليه “إيجيبتوس” لهذا السبب: كان “إجيبتوس” ابن “هيفاستيوس” و”ليوكيبي” ملك البلاد التي حدثت فيها حرب أهلية لأن النيل لم يرتفع وحزن السكان من المجاعة فأظهرت “البيسيا” ربة الوحي الحل، وهو أنه لو ضحى الملك بابنته “أجانيبي” للآلهة فسوف يكثر الخير، فأخذوها للمذبح وتمت التضحية بها عندئذ قذف “إيجيبتوس” من شدة حزنه عليها بنفسه إلى النهر “ميلاس” ولذلك سمى باسمه “إيجبتوس”.
كذلك أشير إلى أن المصريين كانوا يقومون بإلقاء بعض الدمى من الخشب كي يفيض النهر حتى القرن الثامن عشر، حيث أنه في يوم الاحتفال كان الوالي ينزل من القلعة مع الأمراء في مراكب مزينة من مصر القديمة إلى مقياس النيل بالروضة ويمكث هناك حتى يفي النيل 16 ذراعًا، حيث تقام الاحتفالات ويعطي الوالي الضربة الأولى بيده بمعول من فضة في المكان المحدد الذي تعد فيه الفتحة التي سيخرج منها الماء من السد الذي يحجزها عن قناة فم الخليج ليدخلها الماء شيئًا فشيئا.
ثم تلقى دمية في النيل حسب الأساطير القديمة مع حفنة من النقود الذهبية والفضية في المياه المتدفقة، ويتبعها الحاضرون بإلقاء قطع النقود والأزهار وسط قرع الطبول وابتهاج الناس بقدوم النيل ووفائه في موعده.
أشهر أغاني النيل:
الاحتفال بعيد وفاء النيل …. حقيقة تناولها الأدب والكتب والسينما
بقلم: ليلى إمام
الاحتفال بيوم وفاء النيل، هي عادة مصرية، دأب عليها أهل المحروسة، حيث يحتفلون في الخامس عشر من أغسطس من كل عام بعيد “وفاء النيل”.
ماذا تعني كلمة “النيل”؟ وما هى أصل التسمية ؟
أطلق المصريون القدماء على نهر النيل في اللغة المصرية القديمة “إيترو عا” بمعنى (النهر العظيم)، وتشير الأصول اللغوية لكلمة النيل إلى أنها من أصل يوناني، “نيلوس”، وكلمة النيل مشتقة من أصل مصري صميم من العبارة “نا إيترو” والتي تعني (النهر ذو الفروع)، كما أطلق المصريون على مجرى النهر اسم “حبت إنت إيترو” (مجرى النهر)، وأطلقوا على فروع النيل في أرض مصر “إيترو نوكيمت” (فروع الأرض السوداء).
كلمة النيل في اللغة العربية مأخوذة من اليونانية (نايلوس) وتعني وادي، وفي اللغة المصرية كان يسمى إيتيرو بمعنى النهر الكبير.
عيد وفاء النيل على مر العصور:
يحتفل المصريون بيوم وفاء النيل في 15 أغسطس من كل عام، وفي الماضي أُطلق على يوم وفاء النيل “عيد جبر النيل”، ويعني يوم وفاء النيل أن مياه الفيضان تفيض بالقدر الكافي عن مجرى النيل، وأن النيل وفي للمصريين بعهده السنوي بالفيض على جانبيه، حيث يحمل الخير لأهل مصر، وقديمًا قدس المصريون نهر النيل.
فيما كان يشير قديمًا إلى يوم وفاء النيل بأنه البداية الحقيقية للسنة المائية الجديدة، إلا أن وزارة الري تؤرخها في الأول من أغسطس، وهذه دورة طبيعية مهمة في مصر منذ العصور القديمة، حيث يظل فيضان النيل مستمرًا لمدة تصل إلى 3 أشهر مُتصلة تبدأ من أغسطس وحتى سبتمبر، وتبلغ ذروة الفيضان في أغسطس، ثم تنخفض تدريجيًا حتى تتراجع نهائيًا في أكتوبر، ويتم حسابه في يوليو من العام المقبل.
عيد وفاء النيل في مصر الفرعونية:
ومن أهم الطقوس المرتبطة بعيد وفاء النيل في مصر الفرعونية، ما يشاع عن إلقاء المصريين القدماء لعروس النيل قربانًا للنيل المعروف بـ” الإله حعبي”، وكانت الفتاة الجميلة الشابة تتزين بالحلي واللباس الفاخر لتتزوج بالإله “حعبي” في العالم الآخر، إلا أنه لم يثبت تاريخيًا من خلال نصوص عثر عليها في مصر القديمة صحة الواقعة.
عيد وفاء النيل في العصر الإسلامي:
ومع تعاقب الزمن، صنعت عروس من الخشب لإلقائها في النيل ثم عروس من الطين، حيث عاشت الأسطورة في خيال ووجدان المصريين وتناولها الأدباء والكتاب والسينما، وهو ما يؤكد تقديس المصريين لنهر النيل باعتباره رمزاً للعطاء والخير.
حابي إله النيل … جالب السعادة، يفيض بالمياه الوفيرة كل عام لتروي أراضي مصر كلها … فهو روح النهر وقوته التي تمنح الخير للأرض كما يعتقده القدماء المصريون، فقد آمن المصريون القدماء منذ استقرارهم على ضفاف النيل بأن نهر النيل هو مصدر الحياة وتجسيداً للنظام الكوني الذي يحيون فيه وأن منابعه هي حدود الكون المعروف في عالم الأحياء وفي العالم الآخر أيضًا.
تجسيد الإله حابي عند المصريين القدماء:
“حابي” بمعنى الذى يفيض بالماء وصوروه على هيئة رجل جسمه قوي وله صدر بارز وبطن ضخمة كرمز لإخصابه يحمل خيرات الأرض من الطعام والشراب إلى جانب رموز الحياة والرخاء، وربطوا بينه وبين أساطير الخلق في عقائدهم فأمنوا بأنه كان يمثل المياه الأولى التي برزت منها الأرض المصرية في بدء الخليقة.
دلائل طقوس النيل:
على الرغم من ندرة الدلائل على هذه الطقوس إلا أن أقدمها يعود لعصر الدولة الوسطى في القرن 20 ق.م. وهى المعروفة “بأناشيد النيل” التي تمتدح النهر وتخبرنا عن الوفاء بقربان كبير من الماشية والطيور له عندما فاض على وجه الأرض.
كذلك حفظت لنا سفوح جبل السلسة شمال أسوان ثلاث لوحات مسجلة بالخط الهيروغليفي تحتوي على ثلاثة مراسيم تعود لعصور الملوك سيتي الأول ورمسيس الثاني ومرنبتاح في الفترة ما بين 1300 ــ 1225 ق.م. حيث تقر هذه المراسيم بأن تقام الاحتفالات للإله حعبي في السلسلة مرتين في العام مع أعلى وأدنى ارتفاع للفيضان، وأن يتم خلالها التقرب للنيل بالتقدمات التي تحتوي على قرابين مختلفة من الحيوانات والخضروات والزهور والفاكهة، وكذلك عدد من التماثيل الصغيرة لإله النيل نفسه،
وأشارت هذه المراسيم أيضًا إلى “إلقاء كتاب حعبي” الذي كان عبارة عن لفافة من البردي تحتوي على قائمة من القرابين، حيث يتم حرقها على مذبح أو تلقي في النهر، واحتفظت لنا بردية “هاريس” حوالي 1150 ق.م. بقائمتين كبيرتين من القرابين لحعبي وكان أكثر ما يميزها هو قربان التماثيل التي أطلق عليها صور “حعبي” إله النيل.
وفي نهاية القرن الثاني الميلادي ظهرت بعض الأعمال الأدبية اليونانية المعروفة باسم “البسيودوبلوتارخ” لعدد من المؤلفين المجهولين الذين نسبوها للمؤرخ “بلوتارخ” والتي أشارت لأول مرة إلى التضحية بآدميين في نهر النيل على الرغم من أن الأضاحي البشرية لم تكن ضمن الطقوس المصرية القديمة فيشير الفصل 16 منها، النيل هو نهر مصر بالقرب من مدينة الإسكندرية ولكنه كان يسمى في السابق “ميلاس” من “ميلاس” ابن “بوسيدون” أما فيما بعد فلقد أطلق عليه “إيجيبتوس” لهذا السبب: كان “إجيبتوس” ابن “هيفاستيوس” و”ليوكيبي” ملك البلاد التي حدثت فيها حرب أهلية لأن النيل لم يرتفع وحزن السكان من المجاعة فأظهرت “البيسيا” ربة الوحي الحل، وهو أنه لو ضحى الملك بابنته “أجانيبي” للآلهة فسوف يكثر الخير، فأخذوها للمذبح وتمت التضحية بها عندئذ قذف “إيجيبتوس” من شدة حزنه عليها بنفسه إلى النهر “ميلاس” ولذلك سمى باسمه “إيجبتوس”.
كذلك أشير إلى أن المصريين كانوا يقومون بإلقاء بعض الدمى من الخشب كي يفيض النهر حتى القرن الثامن عشر، حيث أنه في يوم الاحتفال كان الوالي ينزل من القلعة مع الأمراء في مراكب مزينة من مصر القديمة إلى مقياس النيل بالروضة ويمكث هناك حتى يفي النيل 16 ذراعًا، حيث تقام الاحتفالات ويعطي الوالي الضربة الأولى بيده بمعول من فضة في المكان المحدد الذي تعد فيه الفتحة التي سيخرج منها الماء من السد الذي يحجزها عن قناة فم الخليج ليدخلها الماء شيئًا فشيئا.
ثم تلقى دمية في النيل حسب الأساطير القديمة مع حفنة من النقود الذهبية والفضية في المياه المتدفقة، ويتبعها الحاضرون بإلقاء قطع النقود والأزهار وسط قرع الطبول وابتهاج الناس بقدوم النيل ووفائه في موعده.
أشهر أغاني النيل:
أغنية “الدميرة” كانوا ينشدوها القدماء عند الاحتفال، ومن أشهر الأغاني التي قدمتها الإذاعة المصرية، وأجادت فى التعبير عن الفرحة بوصول مياه الفيضان لمصر فى العشرينيات، كانت (البحر زاد) للشاعر الكبير أحمد رامى (1892ـ1981) وألحان رياض السنباطي (1906ـ1981).
أغنية “الدميرة” كانوا ينشدوها القدماء عند الاحتفال، ومن أشهر الأغاني التي قدمتها الإذاعة المصرية، وأجادت فى التعبير عن الفرحة بوصول مياه الفيضان لمصر فى العشرينيات، كانت (البحر زاد) للشاعر الكبير أحمد رامى (1892ـ1981) وألحان رياض السنباطي (1906ـ1981).